فصل: الخبر عن ثورة ابن هود على الموحدين بالأندلس ودولته وأولية أمره وتصاريف أحواله.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الخبر عن ثورة ابن هود على الموحدين بالأندلس ودولته وأولية أمره وتصاريف أحواله.

هو محمد بن يوسف بن محمد بن عبد العظيم بن أحمد بن سليمان المستعين بن محمد بن هود ثار بالصخيرات من عمل مرسية مما يلي وقوط عند فشل دولة الموحدين واختلاف السادة الذين كانوا أمراء ببلنسية وذلك عندما هلك المستنصر سنة عشرين وبايع الموحدون بمراكش لعمه المخلوع عبد الواحد بن أمير المؤمنين يوسف ثار العادل ابن أخيه المنصور بمرسية ودخل في طاعة صاحب حيان أبو محمد عبد الله بن أبي حفص بن عبد المؤمن وخالفهما في ذلك السيد أبو زيد أخوه ابن محمد بن أبي حفص وتفاقمت الفتنة واستظهر كل على أمره بالطاغية ونزلوا له عن كثير من الثغور وقلقت من ذلك ضمائر أهل الأندلس فتصدر ابن هود هذا للثورة وهو من أعقاب بني هود من ملوك الطوائف وكان يؤمل لها وربما امتحنه الموحدون لذلك مرات فخرج في نفر من الأجناد سنة خمس وعشرين وجهز إليه والي مرسية يومئذ السيد أبو العباس بن أبي عمران موسى بن أمير المؤمنين يوسف بن عبد المؤمن عسكرا فهزمهم وزحف إلى مرسية فدخلها واعتقل السيد وخطب للمستنصر صاحب بغداد لذلك العهد من بني العباس وزحف إليه السيد أبو زيد بن محمد بن أبي حفص بن عبد المؤمن من شاطبة وكان واليه بها فهزمه ابن هود ورجع إلى شاطبة واستجاش بالمأمون وهو يومئذ بإشبيلية بعد أخيه العادل فخرج في العساكر ولقيه ابن هود فانهزم واتبعه إلى مرسية فحاصره مدة وامتنعت عليه فأقلع عنه ورجع إلى إشبيلية ثم انتقض على السيد أبي زيد ببلنسية زيان بن أبي الحملات مدافع بن حجاج بن سعد بن مردنيش وخرج عنه إلى أبدة وذلك سنة ست وعشرين وكان بنو مردنيش هؤلاء أهل عصابة وأولي بأس وقوة فتوقع أبو زيد اختلال أمره وبعث إليه ولاطفه في الرجوع فامتنع فخرج أبو زيد من بلنسية ولحق بطاغية برشلونة ودخل في دين النصرانية نعوذ بالله وبايعت أهل شاطبة لابن هود ثم تابعه أهل جزيرة شقر حملهم عليها ولاتهم بنو عزيز بن يوسف عم زيان بن مردنيش ثم بايعه أهل خبيان وأهل قرطبة وتسمى بأمير المسلمين وبايعه أهل إشبيلية عند رحيل المأمون عنها إلى مراكش وولى عليهم أخاه ونازعه زيان بن مردنيش وكانت بينهما ملاقاة انهزم فيها زيان سنة تسع وعشرين وحاصره ابن هود ببلنسية ثم أقلع ولقي الطاغية على ماردة فانهزم ومحص الله المسلمين وانهزم بعدها أخرى على الكوس ولم تزل غزواته مترددة في بلاد العدو كل سنة وحربه معهم سجالا والطاغية يلتقم الثغور والقواعد ثم استولى ابن هود على الجزيرة الخضراء وجبل الفتح فرضتي المجاز على سبتة من يد السيد أبي عمران موسى لما انتقض على أخيه المأمون ونازله بسبتة فبايع هو لابن هود وأمكنه منها ثم ثار بها اليناشتي على ما يذكر ثم بويع للسلطان محمد بن يوسف بن نصر سنة تسع وعشرين بأرجونة ودخلت قرطبة في طاعته ثم قرمونة ثم انتقض أهل إشبيلية وأخرجوا سالم بن هود وبايعوا لابن مروان أحمد بن محمد الباجي وجهز عسكرا للقاء ابن الأحمر فانهزموا وأسر قائده ثم أصفق الباجي مع ابن الأحمر على فتنة ابن هود وصالح ابن هود ألفنش على فعلتهم على ألف دينار كل يوم ثم صارت قرطبة إلى ابن هود وزحف إلى الباجي وابن الأحمر فانهزم ونزل ابن الأحمر ظاهر إشبيلية ثم غدر الباجي فقتله وتولى ذلك صهره أشقيلولة وزحف سالم بن هود إلى إشبيلية فنازلها وامتنعت عليه ووصل خطاب الخليفة المستنصر العباسي إلى ابن هود من بغداد سنة إحدى وثلاثين وفد به أبو علي حسن بن علي بن حسن بن الحسين الكردي الملقب بالكمال وجاء بالراية والخلع والعهد ولقبه المتوكل وقدم عليه بذلك في غرناطة في يوم مشهود وبايع له ابن الأحمر وعندما غدر ابن الأحمر بالباجي فر من إشبيلية شعيب بن محمد إلى البلد فاعتصم بها وتسمى المعتصم فحاصره ابن هود وأخذها من يده ثم خرج العدو من كل جهة ونازلوا ثغور المسلمين وأحاطوا بهم وانتهت محلاتهم على الثغور إلى سبع ثم حاصر الطاغية مدينة قرطبة وغلب عليها سنة ثلاث وثلاثين وبايع أهل إشبيلية للرشيد من بني عبد المؤمن ثم زحف ابن الأحمر إلى غرناطة وملكها كما يذكر وبويع للرشيد سنة سبع وثلاثين وكان عبد الله أبو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الملك الأموي الرميمي وزير ابن هود وكان يدعوه ذا الوزارتين ولاه المرية من عمله فلم يزل بها وقدم عليه المتوكل سنة خمس وثلاثين وستمائة فهلك بالحمام ودفن بمرسية ويقال إنه قتله ثم استبد من بعده المؤيد واستنزله عنها ابن الأحمر سنة ثلاث وأربعين ولما هلك المتوكل ولي من بعده بمرسية ابنه أبو بكر محمد بعهده إليه وتلقب بالواثق وثار عليه عزيز بن عبد الملك بن خطاب سنة ست وثلاثين لأشهر من ولايته فاعتقله وكان يلقب ضياء الدولة ثم تغلب زيان بن مردنيش على مرسية وقتل ابن خطاب لأشهر من ولايته وأطلق الواثق بن هود من اعتقاله ثم ثار عليه بمدينة مرسية محمد بن هود عم المتوكل سنة ثمان وثلاثين وأخرج منها زيان بن مردنيش وتلقب بهاء الدولة وهلك سنة سبع وخمسين وستمائة وولي ابنه الأمير أبو جعفر ثم ثار عليه سنة اثنتين وستين أبو بكر الواثق الذي كان ابن خطاب خلعه وهو المتوكل أمير المسلمين وبقي بها أميرا إلى أن ضايقه الفنش والبرشلوني فبعث إليه عبد الله بن علي بن أشقيلولة وتسلم مرسية منه وخطب بها لابن الأحمر ثم خرج منها راجعا إلى ابن الأحمر فأوقع به البصري في طريقه ورجع الواثق إلى مرسية ثالثة فلم يزل بها إلى أن ملكها العدو من يده سنة ثمان وستين وعوضه منها حصنا من عملها يسمى يس إلى أن هلك والله خير الوارثين.